اليمن واليمنيين أرضا و إنسانا معادلة وجود ما اطلق عليه منذ قرابة الخمسة الف سنة ببلاد العرب السعيدة، اسندوا رؤوسهم لجلامد الصخر وقاسوا الحياة بتلك الصلابة ، التي نحتوا منها أعمدة حجرية بلغ طول الواحد منها اربعة و عشرون متر ليبنوا ” الصفة ” كي يخطب الشعب الملك من عليها ، كانت طريقة بناء هذا المنبر بعظامة وفخامة هندسية عجيبة كيما يقول اليمنيين ذاتهم بهكذا ملمح فني، و قبلها ذهبوا لإحتواء الأمطار داخل سد مأرب العظيم ، بطريقة رفع الماء من الوادي للضفاف في واحدة من عجيب التأمل وصعوبة الممكن، قبل ان ينتقل القتبانيين في المعافر وغيرها لسن قوانين حركة التجارة وطريقة التداوﻻت وصك العملات في غابر الزمن .
اليمني من منحى تطور حياته كافح كثيرا وتلقى من ابناء جلدته ويل كبير و من حين ﻻخر حدثت الغزوات والحروب وما اشدها أكثر قبل الميلاد ، واستمر الأمر بعده وبعد الاسلام والى اليوم مازلنا نسترجع التأريخ في ظرافة تراجيدية موجعه ، و في أوج وحدة اليمنيين المتقطعة والغير مستقرة اندحرت كل جحافل الاستعمار ومحاولات الاستيطان رومية و فارسية و حبشية …الخ وبقي اليمن واليمنيين منتصرين دوما ، قتل سيف بن ذي يزن اليمني الثائر الذي حاول الحرية ونالها هو واليمنيين قبل الموت بأيام معدودة ، بيد حاولت وجودا في اليمن .
لكننا لم نستوعب الدرس ﻻحقا وهتف اليمنيين بطيب خاطر لمن امتلك زعنف القيادة و اقتنص بفرادة مفردات الحكم ، كنا نريد قائدا، هذا ما قاله اليمنيين منذ فجر وجود بلادنا السعيدة ، اليمني المتورد بالإخلاص والشهامة والنبل ومعجون بالطيبة ضحى كثيرا في سبيل استقراره و استقلاله ليرى مستقبل أفضل وزاخر بالمنجزات ، الا ان هذا اليمني في ذات الوقت ليس ساذج أبدا ويدري كيف يجحد اذا ما بلغ الزبد مبلغ الشماته ، وﻻ سبيل في الخطابات سوى شماتة وشتامة التأريخ، استغلال ظروف الوضع الاستثنائي لدغدغة عواطف اليمنيين فكرة ناجحة لتجييش تصفيقهم وهتافاتهم في تحقيق مآرب كارثية ﻻ تحسب لليمن واليمنيين أي حساب ، لكن السقوط يأتي تماما بعد هذه الخطوة الأخيرة كما تخبرنا حكاياته عبر التأريخ الإنساني ، سقوط متأخر لكن ارتطامه مدوي في ذاكرة الأجيال خصوصا وان يمنيي المعاصرة والمستقبل يحبون مقايل القات الطويلة والمثخنة بذكريات ما بعد ساعة السليمانية ، وليس لديهم حانات تتسامح ثمالتها غداة كل ليل ، إذ ﻻ يجدون في لياليهم “مورقة الحموضة”سوى ترسيب و مراكمة الإضمار.
سيضمرونكم حقدا ابديا إن حاولتم التكسب الخاص على حساب معاناتهم والآمهم وتضحياتهم ، سيسحقون عرق اعراقكم وقيل اقيالكم إن تجرأتم فعل ذلك، عودوا للتاريخ وسترون أنهم يجيدون تلك الخفة الحارقة و يتقنونها .
تجريف المواقف ثم احتكار الأنفع والأفضل والسماح بتمظهرات حق امتلاك وجع شعب لبناء وتشييد أمجاد وعروش ومناصب وارصدة على حساب كل اليمن ، أمر يدركه اليمنيين ، و تيقنوا أن سورة الصدور في ثمالة الغليان تتأجج لتبتلع بشراسة حديث الإفك و الزيف ، الذي يحاول السدنه تمريره تحت أغطية وطنية متجسدة في ذات اشخاص نهبوا وابتلعوا خيراتنا وتطلعاتنا ، ﻻ تحبكوا القصة كثيرا فلدينا رواية وقعت وكان اليمنيين ابطالها بجدارة ، لستم انتم بل نحن ايها المختبئين في السراديب تمجون امخاخ تعبنا وتسوقون تضحياتنا وفقداننا في تداولات الوعظ والخطب السطحية السخيفة من الرياض الى صنعاء الى عدن الى تعز الى صعدة على حد سواء ، على الفاسدين الرحيل اليوم قبل الغد و نرجوكم لا تتحدثوا بدلا عنا فنحن بالحرف والفكر ندري بواطن المقاصد وسطح المغازي.